الخميس، 30 أغسطس 2018

العلاقات السعودية اللبنانية في مهب الريح


عبير سياج

كثُرٌ لا زالوا يذكرون هبة الثلاث مليارات دولار المُقدّمة من المملكة العربية السعودية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، هبة كانت ستُعزّز قدرات الجيش اللبناني وتساعده في تنفيذ مهامه حيث أن هذه الهبة كانت الأكبر التي سيستلمها الجيش اللبناني منذ تاريخه، ولم يكُن ذلك كلامٌ في الهواء حيث أنّ لبنان تسلّم في الشهر الرابع من عام 2015 الدفعة الأولى للهبة، إلّا أن هذه الأخيرة تجمّدت أو بمعنى آخر "أُلغيت" بعد الموقف "الرّجولي" الذي وقفه وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل مع "حزب الله" المقاوم على حدود القصر الجمهوري "السوري"، حيث امتنع "الكبير" عن التصويت على بيان لجامعة الدول العربية لأنه جاء على وصف حزب الله بالارهابي، خارجا بذلك عن الاجماع العربي، مخرجا لبنان من منطق الدولة التي كان من الممكن  لها أن ترى النور من خلال مساعدات السعودية، منتصرة بذلك على منطق الدولتين أو بتعبير آخر "اللادولة".

 السعودية ورغم توقيفها للهبة كان من الممكن أن تعيد النظر في إعادة منح لبنان ما تبقّى منها لكن ذلك لم يعد اليوم ممكنا بعد تسليمها كمية كبيرة من المُدرّعات تعدى عددها المئة للجيش السعودي، بعد أن التمست عدم جديّة لبنان وحرصه على العلاقات العربية، إضافة للهجومات على السعودية من كلّ حدب وصوب، وانقطاع العلاقات ما بين رأس الجهورية والبلاط الملكي، في وقت يعيش به الشارع اللبناني حالة من الترقّب قبيل لقاء ما بين العهد والرئيس السوري، في خطوة ستبرر قبول الرئاسة اللبنانية بتدخل حزب الله في الشؤون الخارجية وستزيد من تأزّم العلاقات مع البلاط الملكي.

هذه العلاقات التي ساهمت في إخراج لبنان من أزماته حيث أن  المملكة كانت  يد العون الممتدة للبنان عند كلّ أزمة  يوقعه "المُتَلبنون"، يدٌ سيفتقدها الأخير إذا ما عادَ كلّ إلى رُشده وابتعد عن وضع هذا البلد الصغير وسط المزيد من التردّي في العلاقات.

اليوم يجب على الدولة من رأسها وصولا إلى كلّ عضو فيها إعادة النظر في العلاقات مع المملكة، تجنّبا لخسارة 300 ألف لبناني مستقبلهم وبالتالي خسارة لبنان إيرادات هؤلاء، ما سيُسبّب حتما بالمزيد من الأزمات الاقتصادية التي لن يصمد أمامها لبنان.
ولا يمكن أيضا تناسي الودائع الخليجية الموجودة في مصارف لبنان ، والتي تساهم في صمود الاقتصاد اللبناني، هذه الودائع التي باتت أيضا ضمن دائرة الخطر منذ الأزمة أعلاه.

اليوم حلّ واحد لجميع تلك الأزمات التي ممكن أن يقع بها لبنان، ومن الممكن أيضا أن يكون سبيلا لحل أزمة إيقاف الهبة، هو موقف واحد واضح للدولة اللبنانية باستطاعته تغيير الكثير، كفّ أيّ تدخّل خارجي داعم للا شرعية وحده القادر على بلورة العلاقات مع الدول العربية، لبنان اليوم لا يحتاج لمُتطفّلين إنما يناشد الحريصين على سيادة لبنان.




الأحد، 26 أغسطس 2018

خطاب نصرالله ما بين النكران والتهديد والوعيد




عبير سياج


كالعادة كان الخطاب من خلفِ شاشة، حيثُ أطلّ الأمين العام عبر الشاشة العملاقة مُخيّبا آمال من حضر الى مكان الاحتفال، أولئك الّذين صدّقوا للحظة إمكانية حضور مثالهُم الذي لم يرونه  يوما في البقاع  بسبب بقائه في مكانٍ ما يُجنّبه  النظر في البقاعيين ، فالعيون تكون غالبا فاضحة ما ان تلاقت وعليه ستضيع خطابات سنوات لن يُعيد بناءها عقود.
"عيدُ الانتصار أو عيدُ تحريرِ الجُرود" هذا ما أطلقه نصرالله على المناسبة، ناسيا أو متناسيا بأن التحرير لم يكُن تحريرا، بل كان منع تحرير وانتصار للجيش اللبناني عبر اخراج الدواعش بباصات مُكيّفة وهم "مُكيّفون"، أما التفاهة في الخطاب فكانت عبر عدم ذكر ما استطاع تحقيقه الجيش اللبناني قبل ايقافه ومنعه من أداء دوره من خلال عقد "صفقة العار"، بحيث ارتأى السيّد الى ذكر الجيش السوري وتحميله فضل التحرير الذي ما كان ليُحقّق لولا انتصاراته كما جاء في كلامه.
تخلل الخطاب مواضيع كثيرة: الوضع في سوريا، العلاقات مع أميركا، و حتى وضع دول الخليج، لكن لن نمرّ على ما لا يعنينا وسنقف على نقطتين أساسيتين، الأولى هي نقطة "المحكمة الدولية" التي صرخنا لأجلها ولأجل الحصول عليها، فيما يُحاول البعض اليوم شيطنتها خوفا من كشف الدور الاجرامي الذي لعبته فئة مُعيّنة في الجريمة الكُبرى، لكن يتوجّب التوقّف اليوم عند عبارة "لا تلعبوا بالنار" التي وجّهها السيد لمن يراهن على المحكمة، تهديد ووعيد علني ودون أيّ تردد، فهل سنشهد عودة للاغتيالات ما بعد صدور قرارها الظنّي أو سنشهد تخريبا وسلاحا في الشارع كما شهدنا منذ سنوات؟ 
أما النقطة الثانية فهي "البقاع" منطقتي التي أولى نصرالله حيّزا من خطابه لها، متوجّها بالشكر لنا كبقاعيين لانتخاب حُلفائه في الاستحقاق الأخير، لكن فاته أمرُ التزوير وكذلك الرشاوى على مرأى الجميع، تلك الرشاوى التي قدّمها المَلكُ لأحجار الشطرنج مجتمعة دون أيّ تفرقة.
أما عن الانماء والوعود فلن نتحدث عنها كثيرا لأن الكلام عنها ليس بجديد لكن لمَ هذا التقسيم البقاعي، البقاع بأكمله بحاجة لإعادة ترميم اليوم وليس منطقة بعلبك/الهرمل فحسب، البقاعُ المنسي منذ عشرات السنين والذي انتخبَ أو "حُسب عليه" انتخاب حلفائكم بحاجة لنهضة اليوم فهلّا خرجتم من مستنقع الطائفية ونظرتم بحقّ لبحور انماءات من الممكن أن تُغطّي شيئا مما اقترفته أيديكم..

الخميس، 23 أغسطس 2018

التقوى والسلام، فاجعة لم يمحوها الزمن


عبير سياج


ها هي ذكرى تفجير المسجدين تتجدّد ككلّ عام، الدّماء، الصرخات والدمار، كلّ شيء لا زال في البال وكأنّه حدث البارحة ، لم تمحُ السنوات شيئاً من هذه المجزرة، من هذا الجرح العميق الذي ضرب طرابلس وكُلّ لُبنان وروى ترابها من دماء الأطفال والرجال، أولئك المؤمنين الّذين لجأوا الى بيت الله في يوم التقوى ليُداهمهم القتلة الكافرين الّذين لا تقوى في قلوبهم  ويعيثوا الخراب والدّمار في السلام والتقوى.
خمس سنوات لم ينسَ خلالها أهالي الشهداء من فقدوا ولا زالت تدمع أعين كل من يتذكّر ذاك المشهد الموجع الذي أسفر عن فقدان واحد وخمسين شهيدا ونتج عنه 400 جريح، كما لم ينسَ أي كان الأيادي القذرة التي خططت ونفّذت هذه الجريمة فبات اسمي المجرمين محمد علي علي وناصر جوبان كأنهما ابليس لاجرامهما اللامحدود، فأي عقل ذاك القادر على ارتكاب هكذا فضاعة، وأي منظومة أمنية تقبل بهكذا فعل سوى ان كانت قد نشأت على الارهاب فقط.
في هذه القضيّة هاربين من وجه العدالة، وآخرين أُخرجوا سابقا من وراء القضبان ليُعادوا بعد الغضب والرفض الذي استشعره المسؤولين من الأهالي، وأحدٌ لا ينسى أنّ نظاماً كان من المُفترض أن تقطع العلاقات معه متهما بأنه قد خطّط لهذه الفاجعة والكثير من المآسي التي عاشها اللبنانيون، فيما عبّد بعض المسؤوليين دربهم نحو دمشق بالدماء التي أذرفت.
ها هي طرابلس اليوم رغم ذكراها الموجعة تنتفض من مآسيها في ظل الحرمان الذي تعيشه وكأنها تخوض حرب الإلغاء رغم أنها المدينة الثانية في لبنان، رافضة أن تجعل من دماء شهدائها سبيلا للطائفية والغاء الآخر كما أراد البعض.
طرابلس اليوم لا تبغى سوى انصافها من قبل الدولة، وفي ذكراها المؤلمة هذه لا تريد سوى العدالة بحقّ شهدائها الأحياء بين أهلهم وفي قلوب من عرفهم على حدّ سواء، طرابلس التي لم تخضع لحماقة البعض وتشعل فتيل حرب أهلية جديدة تستحق ما هو أفضل من الصعوبات التي فرضت على عاتقها، تلك الجميلة عاشت ما يكفيها من التعب والأوجاع، فهلّا تلقى شيئا من الاهتمام، علّ ندوبها تزهر وردا...  


السبت، 18 أغسطس 2018

إنتصار العار..







عبير سياج


عامٌ واحدٌ قد مضى على انطلاق المعركة، لا أعلم ما التسمية اللائقة بها حيث أني لا أرى بها فَجراً بل فُجراً بحق الجيش والوطن، هي فخرٌ وخذلان، هي فرحٌ وأحزان، هي إنتصار كادَ يكون كاملاً لولا خوف البعض من تسجيل الجيش للانتصار، فلو أن الجيش حينها أكمل تقدّمه نحو  بضع الكيلومترات المُتبقّية، لقَضى على الكُفّار وأطفأ بعض الجمر المُشتعل في صدور أهالي الشُهداء، إلّا أن ذلك كاد ليُثبت قُدرة الجيش على حماية البلاد وعدم حاجة البلاد لسلاحٍ غير شرعي بحُجّة حماية لُبنان، فأُبرِمت حينها صفقة العار وأُخرج القتلة بباصاتٍ جعلت من الانتصار عار.

أُسبوع عاش خلالَه اللُبنانيّون جميعَ أنواع المشاعرما عدا شعور نشوة الانتصار، ورُغمَ ذلك تبنّى البعض ذاك النصرَ الباهت، ومن المؤكد أن الأمين العام سيخرج بعد أسبوع من اليوم لإلقاء خطاب لا تقلّ مُدّته عن الساعة والنيّف إحتفالا بالنصر، طبعا نصرُ الشّركاءِ في الإجرام، حيثُ أنّ الحزب لا زال حتّى اليوم يقتُلُ أبرياء في بلاد الأشقّاء، والكُفر في اتّباع الدّين واحد وتغريدات بعض الحزبيين يُثبت ذلك من جهة تحريف آيات في القُرآن الكريم، وأيضا في جديد الانجازات سجونُ الحزب التي كَشف عنها "علي ولاء مظلوم" بعد تجربته الخاصة داخل أسوارها، لا تقلّ إجرامية القييمين عليها عن إجرام القيمين على سجون الدواعش.

نحن سنحتفل بمرور عام ، لكن الاحتفال سيكون تحت انكشاف القناع عن وجه الحزب الغاشم كالاحتلال، سنحتفل بعودة أحبّةٍ لنا شهداء أبطال، سنحتفل ببطولة جُنودٍ دافعوا عن أرضهم بشرفٍ وتضحية ووفاء، في حين يحمل غيرهم سلاحا بحُجة الدفاع عن البلاد وما يحملونه سوى للدفاع عن نظام زائلٍ لا مُحال.
لن نحتفل مع مُعتلي المنابر بإنتصاره الزائف، ولن نبني الانتصارات على جُثت شهدائنا، أبناءنا الأعزّاء، وليعذُرنا بعضَ الشّركاء، إن كانت آراءنا لا تتوافق وآرائهم فما عادت عيوننا مُغمّشة بحاجبٍ ولا غشاء، ولا يُزايد علينا أحدٌ بقضية المُقاومةِ ومُحاربة الأعداء، فما من مُقاومةٍ تُبنى على جُثت شركاء الوطن وحُماته، عذرا وطني لما آل اليه وضعنا وعُذراً لشبابٍ أعمت عيونهم طائفية حمقاء جعلت منهم حطبا لنار الحقد التي أشعلتها إيران وقدّمكم سيّئكم حطبا لإبقائها مُشتعلة حيثما حلّ الدمار.

السبت، 11 أغسطس 2018

نهاية سكّة العهد القوي






عبير سياج



"ما في شي بيجي من فراغ" عبارة يردّدها اللبنانيين في حياتهم اليومية، وبات يردّدها متابعي الشأن السياسي بكثرة في الآونة الأخيرة، فلبنان البلد الذي يخلُق داخل أسواره كلّ بضعة أيام حدث يشغل بال مواطنيه ويملأ فراغ صفحاتهم الاجتماعية، قد واجه في الآونة الأخيرة أحداث إذا ما غاص المحللين السياسيين في تفاصيلها يتأكّد لديهم صحّة ما ورد في بعض الصحف عن تحضّر الرئيس عون للاستقالة بعد تأليف الحكومة، بحيث أنّه سيقوم بتحميلها اسم العهد مُعلناً عن ايقاف القبطان لقطار ما أكمَلَ النصف الأوّل من رحلته.

هو الإطاحة باتّفاق معراب، وحديث الرئيس عن الانتخابات الرئاسية قبل مدّة طويلة من انتهاء العهد، والتلويح باسم صهر العائلة كمنافسٍ في السباق الرئاسي المُقبل، كلّها رسائل مُشفرّة عن أنّ سائق القطار بات قريبا من الانسحاب نتيجة الارهاق الجسدي الذي أصابه خلال هذه المُدّة، أضف الى كلّ ذلك حلحلة العُقدة المسيحية بعد تخلّي باسيل عن عُقدة "الأنا" في توزيع الحقائب، لكن هذا التخلّي لم ينشأ سوى لسبب توقِ الصهر للالتحاق بالسباق الرئاسي في أقصر مدّة ممكنة، حتى وإن كان ذلك على حساب سيّد العهد.

طبعا كلّ ذلك سنشهده إذا ما كانت العُقد داخلية فعلا ولا ترتبط دوليا بمؤتمر "سيدر" الذي لرُبّما يُعيق وجود البعض في الحكومة مساهماته، رغم الثقة الكاملة بنتائجه الغير ملموسة حتى ولو وصلت مساهماته الى لبنان، على غرار الباريسات السابقة سيكون مُجرّد خيبة أمل للبنانيين.

خيبة أمل تُضاف الى خيبات عدّة لازمَت اللبنانيين في السنوات الأخيرة، لعلّ أبرزها خيبة مُكافحة الفساد بعد تحوّلها الى بروباغندا سياسية ليس إلّا، وتبنّيها من قِبل الفرق السياسية الأفسد في البلد ولعلّ ملف الكهرباء الدليل الأكبر على ذلك كما قال النائب قاسم هاشم، وفضائح التجنيس ومعاشات الموظفين، أبرزهم مسؤولي سكك الحديد الذين لو كانوا يقومون بما عليهم من واجبات لربّما كان العهد أفضلا حالا مما هو عليه، وصَمَدَ ولو لبرهة إثباتا لمقولة "العهد القوي" ليس إلّا وحفاظا على ماء الوجه.


الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

صهر واهم وعم هارب!



عبير سياج


كبطلٍ مُنذ أيام خرَج ليحتفل بذكرى لا يعلمُ عن قُدسيّتها شيئا لدرجة استقبالها بكمّ من الدّعاوى على عدد من الناشطين الأحرار على وسائل التواصل الاجتماعي، أُسلوبٌ يجعلنا نحسبُ ولثوانٍ معدودة بأنّ صاحب السعادة كان يومها في عداد القامعين، إلا أن كلّ شيء يُبيّن اليوم أنّه كان في عداد المُخبرينَ ليسَ إلّا، تلميذٌ مُجتهد ووارث لنفس الأسلوب القمعي.

بالحديث عن السابع من آب لا يمكن سوى رؤية الأبطال الحقيقيين من كلا العونيين والقوات اللبنانية الّذين دافعوا يومها بكلّ شجاعة عن حُريّة كَسَرت قيود الوصاية وها هي اليوم تحاول التخلّص من شباك الخَوَنة، خّوّنةُ قضية وإتّفاقات ومعاهدات ورفاق درب نفى الانتماء اليهم أمَام ضابطٍ حقير وها هو اليوم يُملي عليهم القرارات كرئيس لهُم لا بل لمن حلّ مكانهم، فأغلب أولئك ما عادوا اليوم موجودين مع ذلك الشاب المُناضل على حدّ تعبيره، فتغيير المبادئ جعلهم بعيدين كلّ البعد عن طريقه الجديد، فكيف لهم أن يمشوا معه في درب مُحتلّ صرخوا بوجهه يوما "لا لديكتاتوريتك"، ورفضوا وضع أيديهم بأيديه بعد سنوات لم يتغيّر بها إنّما زاد بطشا.

كيف للشعب اليوم أن يُصدّق من تخلّى عن رفاقه، وقبله تخلّى كبير العائلة عن جيشه، هي ليست وراثة فالجينات تختلف إنّما وكما يبدو الاثنين يسيران على مبدأ "الهريبة ثلثين المراجل" لكنّ الرُجولة الحقيقية تكون بالمواجهة، ووحده من لم يتبرّأ من انتساباته يحقّ لهُ الاحتفال، وويلٌ لرجال يبنون بطولاتهم على نجاح آخرين.
السابع من آب اليوم كلّ لحظةٍ نعيشُ تجربته حين تصرُخ حروف الناشطين من خلفِ حواسيبهم لا للقمع، ووحده البطل الواهم اليوم يقمعها لاعبا دور أسياده الّذي لعب دور البطولة في تمثيلية مواجهتهم، ولكلّ سابع من آب سادس وعشرون من نيسان إن كنت "نسيان".



الخميس، 2 أغسطس 2018

رئاسة الحكومة وصراع البقاء





عبير سياج


مُخطئٌ من يعتقد أنّ مواقف البعض تجاه الرئيس المُكلّف سعد الحريري خلال ما سُمّي أزمة السعودية قد أتت من دوافع الحرص على مقام الحكومة الذي لا يعيره أحد انتباه اليوم، ويظهر ذلك من خلال العُصي التي يتمّ وضعها في عجلة التأليف اليوم، ومخطئ أكثر من يرى بأنّ تلك المواقف نابعة من حبّ للحريري الذي يعمل البعض على استغلاله سياسيا ليس إلّا نظرا لترؤسه الكتلة السنية الأكبر رغم خسارته بعض المقاعد نتيجة القانون الذي تمّ تفصيله على قياس بعض القوى.

كثُرٌ اليوم من يتساءلون عن مصير الحٌكومة، وكثيرة هي التحليلات ولعلّ أبرزها جاء بعد الفتور الذي ظهر في احتفال عيد الجيش بين الدولة والفخامة، هو فتور ظهر للمرة الأولى إلّا أنّه وُجد بشكل فعلي منذ تولّي عون الرئاسة، فبحسب الاتفاقات التي تداولت كان ثمن الفخامة الدّولة، لكن حنكة الفخامة ظهرت خلال إعلانه أن حكومة العهد الأولى تأتي بعد الانتخابات، ما معناه أن الحكومة السابقة لا تُمثّل العهد لا بالرئيس ولا بالمضمون وهذا بحدّ ذاته فتور.

لا بدّ أنّ الرئيس حينها كان يعلم أن القانون المُحاك سيصبّ في صالحه وصالح حُلفائه الحقيقيين الأمر الذي جعله لا يتبنّى أي حكومة قبل العهد الذي لو كان يأبه للحريري ويريده أصلا لكفّ شرّ جبران عن مسار التأليف الأمر الذي سيحلّ الأزمة المسيحية التي وحدها القوات اللبنانية تسعى لحلّها، ولَوَضَعَ حدّا لارسلان لحلّ العُقدة الأكثر تعقيدا والتي لا يسعى أي طرفٍ درزي لحلّها.

يبدو ان الحُكومة اليوم بعيدة عن التأليف فيما يتحدّث البعض عن صعوبة حصولها على الثقة إن تألّفت وفق معايير الحريري، ما يجعل مقامها في زاوية الخطر في ظلّ الحديث عن ظهور للمادة الثالثة والستين والتي تُغني عن وجود الحكومة، هي مُحاولة لالغاء دور السعودية المُقرّبة من الحريري والتي بدأت خلال اعلانه الاستقالة الشهير ورئاسة الحُكومة المغضوب عليها من أحباب بشار وإيران على حدّ سواء، فهل ستولد الحكومة من رحم الأزمات أم أنها ستُصبح ضمن الذكريات، وحدها الأيام تحدّد الاجابة.