الاثنين، 30 يوليو 2018

الخراب العربي والربيع العبري




عبير سياج

مؤسفٌ هو الوضع الذي آل إليه الوطن العربي بعد ركوبه المركب المُسمّى "الربيع العربي"، هذا المركب الذي أوهِم رُكّابه بجدارة طاقمه حتّى سلّموه جميع ما يملكون لينتهي بهم المطاف بقايا حُلُمٍ على شطّ الثورة، بقايا وطنٍ على شطّ الحُريّة. مؤسفٌ هو حالُ هذا الوطن الذي استفاق ليجد نفسَهُ وسط عاصفةٍ أعاثت بهِ خراباً وجعلت من أجزاء فلسطين وطناً لأرذل مخلوقات الأرض وأشنعهم بعد حُكّامِنا العرب الّذين أعطوا ذاك الشّعب ربيعا من الأحلام وخَلَقوا في أوطاننا كوابيس موجعة.
 بعد أن عاشت شعوبنا العربية حُلُمَ الحُريّة ورفعت شعار الثورات التي لم يُكتب لها النجاح والتوفيق في غالبيتها ولبعضها الآخر لم يُكتب العُمر سوى قليلا باتت أنظار العرب متّجهّة من خاف قُضبانها التي حاكتها بيدها نحوَ الماضي المُظلم وبعضها الآخر نحو الحُريّة البعيدة المطاف مُتسائلةً عن السبب وراء ما آلت اليه الأمور.
ببساطة يمكن الإمساك بالإجابة إذا ما تجرّد كلّ شخص من انتماءاته، ان الأمر يعود بخراب الوطن وربيعه الى فسادِ حُكّامه الذين منع البعض منهم نجاح الثورة، ونجح بعضٌ آخر بثورته الذاتية لا الوطنية التي ائتمَنَهُ عليها شركائه في الهويّة، في الوقت الذي تحارب به "الدولة" العبرية أو ما يُسمّى إسرائيل الفساد، وتجعل من ما اتخذته وطنا أولوية شاغلة الأوطان العربية بحروبهم الوهمية والتي خلقتها لتُلهيهم عن القضيّة.
تلك الدولة التي بدأت مع "وعد بلفور" والتي يحسَب البعض أنّها ستكتفي بما سلبته من وطننا العربي ستتّسع يوما بعد آخر بينما تُحاول الشُعوب استجداء حقّها بالعيش والحُريّة. إمتداد ما يُسمّى دولة اسرائيل بحسب "وعد بلفور" وامتداد "ولاية الفقيه" في الخطّ المُعاكِس  ضمن سكتين حديد متلاصقتين، باتجاهين معاكسين، فهل يمرّ هذان الخطان كقطارين بأمان ودون تصادُم؟ أم أن مرورهما سيولّد تصادُما جديدا يخلّف خرابا عربيّا شاملاً.

الثلاثاء، 17 يوليو 2018

جبران باسيل رئيسا للجمهورية!!





عبير سياج

ليس قريبا الى اللبنانيين بأغلبيّتهم الساحقة إسم جبران باسيل السّياسي الذي فرض نفسه على السّاحة السياسية بقانونٍ مُفصّل على حجم الأحزاب، و بفرض اسمه في وقت سابق على الحكومات من قبل والد زوجته رئيس الجمهوريّة اللبنانية العماد ميشال عون، فباسيل الذي لم يختاره الشعب في وقت سابق ها هو اليوم يتربّع على عرش وزارته، وكرسيّه في المجلس النيابي الّذي اعتدى على سيّده قُبيل الانتخابات النيابية ينتظره عند كلّ جلسة.
باسيل وبعد وصول رأس هرم عائلته الى قصر بعبدا عبر اتّفاق أنقذ المركز المسيحي الأوّل من الانهيار، علَت طموحاته لتصل حدّ النظر الى هذا المركز ما دفعه للدخول الى الشارعين السني والشيعي قبل الانتخابات حيث ظهر ذلك من خلال افتتاحه لمكاتب تياره في مناطق عدّة ومُحاولة تقرّبه من الشارعين على حدّ سواء،الى جانب تقرّبه من الشارع الدرزي عبر المير طلال ارسلان الذي يطالب من خلال تياره بحقه الوزاري.
أمّا النقطة الأبرز التي تُظهر وتؤكّد ما يتطلّع اليه النائب باسيل وبعيدا عن دور الإله الذي يلعبه أينما حلّ بدءً بإغلاقه الطرقات عبر مواكبه وصولا الى موقع كرسيّه وكأنّه إله الشمس أو القمر في مناسبات عدّة، إخلال باسيل باتّفاق معراب الذي جاء بعون رئيسا للجمهورية ، وكلّ ذلك ضمن وصفة تُدوّن مكوّناتها في الصالونات الايرانية، إضافة الى الدور الرئاسي الذي يلعبه باسيل على مستوى الحكومة والملفات البارزة في البلاد.
وفي ظلّ تشديد الرئيس عون على رفضه لتصرّفات باسيل أصبح لا يخفى على كُثر رضى الرئيس بما يقوم به سند ظهره العزيز الذي ينظر اليه نظرة الابن ويريد له الاستقرار على كرسيّه في بلد اعتاد سياسييه على مبدأ التوريث السياسي.

الثلاثاء، 10 يوليو 2018

الحروب الاقليمية: من سوريا الى لبنان..



عبير سياج

ها هي الحرب السورية باتت في نهايتها بعد سنوات سيطر بها الدمار على أرضها، وهجّر وقُتل خلالها شعبٌ بأكمله، هي حرب شاركت بها دول كبرى لغايات وحدها تستفيد منها، وبعد اتمام مهمتها ها هي تخرج من المولد مُقسّمة الحمّص فيما بينها.
القرب الاستراتيجي الذي يجمع لبنان وسوريا جعل لبنان بلدا ضمن عاصفة الحرب بدأت بأزمة النزوح الغير مُنظّم التي فاقمت مشكلة الشعبين ولم تنتهِ بمشاركة حزب الله ومكوّنات لبنانية أخرى في الصراع السوري.
اليوم وبينما تتحضّر سوريا لمرحلة إعادة البناء تتجه الأنظار الى لبنان الذي بات يملك كلّ العناوين العريضة التي تؤهله لخوض حرب مُدمّرة. وضع اقتصادي مُتدهور، شعب محقون طائفيّا، بلدات وقرى مقسومة، أحزاب مُسلّحة، أنظمة خارجية في الداخل، وخطابات بلهجة متصاعدة وموقع استراتيجي مناسب لحلّ المشاكل الدولية.
السؤال الجدير هنا هو: هل تقع الحرب عمّا قريب؟
الحرب باتت تبعد قاب قوسين عن لبنان وعن الأطراف المشاركة في الصراع الى جانب الشارع اللبناني، إيران وأميركا الى جانب اسرائيل.
ايران تتحضر منذ زمن لهذه الحرب التي حضّرت لها عبر دخولها للشارع السنّي عن طريق "حزب الله"، فإثر التشتّت الذي تشهده الساحة السنية اقتحم حزب الله عقول الشباب ووضعهم الاقتصادي الصعب ليُزوّدهم بمعاش شهري عبروا من خلاله الحدود الايرانية لتلقّي التدريب العسكري هناك، والمرجع بات رأس الدولة الايرانية وفي لبنان التمجيد لنصرالله.
هذه الحرب التي باتت مؤكدة خاسرها الاكبر الشارع السني الذي لا يمتلك شيئا للدفاع عن نفسه، حتى ان الرصاصة الاولى ستُطلق على رأسه من عناصر الحزب السنية، حيث ان التحضير الايراني لهذه الحرب يتبع تكتيكا مُحكما مفاده القضاء على الجسم السني بجنود سنة وهنا يأتي الدور الكبير الذي تلعبه السعودية ضمن هذا الشارع الذي بات ينتظر اتمام السعودية لدورها بإعادة لمّ شمل السُنّة منعا لأي خرق خارجي باتت تطلع اليه احزاب وتيارات من عدة طوائف بعد نجاح الخرق الذي مارسه حزب الله.
الحقيقة المُطلقة اليوم هي أن المكونين الاسرائيلي والأميركي يهدف الى السيطرة على النفط اللبناني قبل الاستفادة منه، ووضع اسرائيل يدها على الثروة المائية التي شكّلت طمعا قبل ظهور النفط، إضافة لاستكمال اسرائيل تمددها في الشرق حيث أنها لا تكتفِ بالأراضي الفلسطينية المُحتلة.
أمّا ايران فهدفها الاول يكمن في انهاء مشروع دولة الفقيه الذي تعمل على انشائها منذ زمن بعيد.
تبقى السعودية الحريص الأكبر على الدولة اللبنانية التي تربطها بها علاقات تاريخية يحاول البعض الغاءها، فهل سيعتبر اللبنانيون من جيرانهم ام أن عقدة "الأنا" ستدمّر لبنان من جديد، وخاصةً بعد اعلان اسرائيل عبر صحيفة هأرست ان الأسد اصبح حليفها الاستراتيجي الجديد

السبت، 7 يوليو 2018

الحجاب بين الذئاب..



عبير سياج



أهلاً بكُم في لبنان، لقد حطّت رحالُكم على أرض هذا البلد الذي لا زال عزيزا علينا رغم أننا ما عُدنا من الأعزّاء، والرجاء على من هم فوق تراب الوطن معرفة ما يلي، إننا أولا وآخرا أفسد الشعوب، ننادي بالحرية وفي مُقدّمها حريّة المُعتقد إلا أننا ننسف أخت الأديان في معظم الأحوال، عار عليكم الالتزام بلباسكم الشّرعي وإلا حامَت حولكُم تُهم الإرهاب وطُردتم أينما كُنتم حتى إن حملتم على الجواز إسم لُبنان. 
إنّها العُنصريّة بحدّ ذاتها، لا بل إنّه الإرهابُ الحقيقي، إرهابُ النّفس والروح والعقل في آنٍ واحد حين يُرفض تقبّل "المُحجّبات" ضمن مُجتمعٍ مُتعدّد الطوائف في أماكن عدة حتى أنهن بتن يتعرضن لتفتيش خاص في المطارات ، فقط بسبب تطبيقهن شيء من الشريعة التي تحتوي عليها أديانهن، وما هذا سوى إظهارا للعُقد والارهاب الذي بات البعض يحمله في نفسه جرّاء انتشار هذه الظاهرة في الأعوام الأخيرة.
وهنا يأتي الدور الكبير الّذي لعبته وسائل الإعلام خصوصا الغربية ، حيث أنها في مكانٍ ما ربطت الارهاب بالحجاب أو بالاسلام ككُل، وهذا ما ليس صحيحا بشكلٍ كامل الأمر الذي ساهم بإنتشار هذا الفكر، إضافة الى استخدام المنظمات الارهابية التي أبدع في خلقها أعظم اللاعبين السياسيين العالميين والاقليميين للسيطرة على أنظمة وخلق الرُعب في نفس الشعوب للاستعانة بها تحت خانة استعادة الأمن والسيطرة على الارهاب، حتى أن الدول تلك ان تعرضت لأي اعتداء ارهابي لا يتم تصنيف الاعتداء بالارهابي او لا الا بعد النظر الى طائفة المُعتدي، الذي ان كان مُسلملا سجّل الاعتداء بالارهابي وان لم يكُن سُجّل بالحادث.
كلّ ذلك ساهم في تعزيز هذه النظرة الخاطئة، من منطلق أننا بتنا نعيش في مجتمع يتبنى التفكير الغربي على اعتباره حضارة، فترى البعض يشمئزّ ويرفض وجود المُحجّبات معه في مكانٍ واحد، خوفا من الصورة الارهابية التي تُحيط بالحجاب وهذا بحدّ ذاته ارهاب نفسي وخُلُقي، فلو نظر اولئك الى روح الشخص الذي أمامهم وليس الى شكله لن يرفض وجوده على الرغم من أن الشكل حضاري وليس ارهابي فلكلّ انسان الحقّ في اختيار على أيّ وجه يكون.
ولا يُمكن استثناء الدور الكبير الذي تلعبه الدولة في الحدّ من هذه الظاهرة، حيثُ أنّ الحجاب بات يقبع بين الذئاب، ينهشون به وهذا ما يُشكّل اعتداءً على الانسان والدُستور الذي ضمن حريّة المُعتقد، والحجاب اليوم حريّة تتعرض للنسف بين الحُريّات، الدولة اليوم أمام مسؤولية كبيرة تتوجب وضع قوانين تحمي المُحجّبات من المُضايقة والطرد من أيّ مكان تحت هذه الحُجة، كما أنه يجب أن تقضي على الفكر المنحدر الذي يتعرض لأي صورة من صور الأديان من أي أي طرف ولأي دين كان تحت عنوان عريض ألا وهو "مكافحة الارهاب"