الجمعة، 29 يونيو 2018

باسيل: من الوطني الحر إلى البعث السوري


عبير سياج


لم تعُد الدّعاوى المُقدّمة من قبل النائب المستحدث جبران باسيل على عدد من النّاشطين والصحفيين بالأمر الجديد، فالوزير ومنذ تسلّمه منصبا في الدولة بدأ بإقامة هذه الدعاوى على كلّ من يقوم بانتقاده وكأنّه يشفي غليله ويطفئ النّار التي أشعلها الناخبون في صدره حين قام بالترشّح دون القدرة على حجز كرسيّ له في المجلس، وإن لم يكن كذلك فالأمر سيكون نفسي حيث أنه من غير الطبيعي أن ترفع الدعاوى على كل من ينتقد تصرّف شخص في موقعه ، وآخر هذه الدعاوى تلك المُقدّمة ضد الصحفي "فداء عيتاني بجرم القدح والذّم والتحقير"، ورغم أن الأمر لم يعد بالجديد إلا إن كل دعوى باتت تستفز ما سبقها.
 الوزير باسيل والذي كان ينادي بحريّة التعبير في عهد الرئيس ميشال سليمان مساندا الشاتمين من الناشطين ها هو اليوم يحاكم أصحاب الأقلام المُهذّبة، وكأن وجودهم يخيف معاليه وأصحاب السيادة والمعالي والفخامة معه، حتى بتنا نعيش بعد ظهور الاحتلال السوري من لبنان ما هو أفظع وكأنّ ذاك الاحتلال قد رشّ سمّه على البعض قبل أن يُغادر، وأصبح الوطني الحر بعثيّا سوريا بلباس حزب لبناني.
هذا الأمر ليس بالغريب انطلاقا من قرب الأفكار بين التيّار اللبناني والنظام السوري القامع والمتوارثة بين الاثنين عبر لعنة الكراسي التي لا ينفذ منها سوى الوطني وهو ما ليس موجودا لدى الاثنين.
لكن ما يُثير التساؤل اليوم يحوم حول الاجراءات التي اتّخذها صهر العهد بحقّ من رفع كلاماً مُسيئا في ساحات البلدات تمسّ أعراض عائلة الرئيس والوزير في آنٍ واحد، أوليست تلك الأقلام من يجب أن يُقضى عليها، وبالعودة أيضا للأزمة تلك نرى أنّ الكلام المسيء قد نزل على الوزير كزخّ المطر، لكن أولئك شباب حزب أغضبهم كلام طال رئيسهم، أمّا العيتاني فصاحب قلم أغضبه ما يلحق ببلاده من أذىً ونزل كلامه كالسّيف على الوزير.
ما يجهله الوزير ومن يشابهه في التصرف أن كلّ حكم على شخص يزيد نفور الشعب اللبناني منه، وأن كل توقيف لشخص على خلفية "انتقاد" أو "تعرّض" لأيّ كان يزيد الشعب رغبة بالتغيير، فالشعب اللبناني لم يعتد على الأنظمة الديكتاتورية وكان رمزاً للحُريّة، الحريّة التي كرّسها الدستور في مُقدّمته، نحنُ شعبٌ يرسم قراره بقلمه، وما الاعتداء على صحافييه إلّا وجهٌ من أوجه الخوف واللاعدالة التي من يتوجّب عليكم حمايتها والحفاظ عليها من موقعكم.
إنّ الأنظمة القامعة ترسم بيدها زوالها، وكلّ مسؤول سيُحاسب على ما فَعَل بحقّ شعبه وأرضه ومؤسساته، يتوجّب عليكم اليوم إعادة النّظر فيما أنتم فيه، ألا تندمون على ما تقومون به من تقليد لحزب يُعرف ببطشه وأكثر من عانى منه من سلّمكم القيادة فيما مضى، وأبرز ما عليكم أخذه بعين الاعتبار أن الأوطان تُبنى بجهودنا نحن المواطنون ومن بعدنا على الوطن السّلام.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق