الأربعاء، 13 يونيو 2018

شبحُ العودة يرافق اللاجئين!!

عبير سياج

ها هو مسلسل ترحيل السوريين إلى بلادهم يطلّ علينا من جديد بإخراج باسيلي ورعاية من المسؤولين الحاليين ، وفيما ينشغل البعض بإفطارات الشّهر الفضيل ، والبعض الآخر ببطولة كأس العالم في كرة القدم والتي ستقام في موسكو ، فتوجّه رئيس الحكومة لتلبية دعوة بوتين ، حيث كان باستقباله  "الذئب الهدّاف" قبل لقائه ب "حامي إبليس"  تاركاً الكرة تحومُ فوق عقول اللبنانيين دون تسجيل هدف التأليف قبل عطلة العيد مما لا يُبشر خيرا بإمكانية إبصار الحكومة النور عمّا قريب ، توجّه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إلى "عرسال" مُتخطّيا بذلك الإشارة الحمراء التي استوقفت جميع المعنيين .

باسيل الذي زار عرسال التقى بداية بالمعنيين في البلدة من رئيس بلدية و أعضاء  و مخاتير حيث ألقى خطابا على مسامعهم و مسامع الإعلاميين عن ضرورة العودة إلى سوريا و وجوبها و أهميّتها ، و من ثمّ انتقل الى مخيّمات النازحين التي تُعدّ الأكبر في لبنان فعرسال احتضنت جيرانها منذ بداية الأزمة السورية و هو ما جعل البلدة أمام هذا العدد من اللاجئين.
إلّا أن هذه الزيارة لم تأتِ في خانة الإطمئنان على أحوال ضيوفٍ لجأوا إلى جيرانهم في  لبنان ، ولا للنظر إلى أحوال أطفالٍ باتت حقوقهم مُجرّد أحلام يقظة ، يُعايشونها كُلّ يوم وينظرون إليها من خلفِ القضبان و الأسوار ، آملين بهدم كلّ ما يقِف في وجه تحقيق عدالة السّماء ، ولا أتت للحديث مع شيوخ ونساء ليرى ما مدى المأساة التي يعيشون في ظلّها ومدى المعاناة.
باسيل أكّد على أهمية عودة اللاجئين مع التشديد على ضمان أمنهم ، و هو ما لفت اللاجئين إلى رغبتهم في تحقيقه ، فهم يرغبون في العودة إلى أزقّتهم ، ومنازلهم المُهدّمة ، وشوارعهم وذكرياتهم بحلوها ومرّها ، بقسوتها و جماليّتها ، فمن من البشر يرغب بالتهجير وهم لم يهربوا من بلادهم بل هربوا من نارٍ يطلقها عليهم جلّاد دفاعاً عن كرسيّ حصل عليها بديمقراطيةٍ ديكتاتورية ، وحوّل الحُكم من جمهوري الى ملكيّ ملعون هدم الوطن وكل ما فيه.
هي ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها الحديث عن إعادة النازحين إلى بلادهم ، إلا أن هذا القرار جاء برعاية أو طلب من الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ، فاللقاء الأخير للثنائي لم يكن بالبعيد ومن بعده توالت الخطوات والقرارات والتصريحات والتي كان أبرزها إيقاف طلبات الإقامة لصالح المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ،  كنوع من التضييق قد يدفع باللاجئين إلى مغادرة البلاد غير آبهين بأمنهم والخطر المحدق بهم . 
لا بُدّ أن هناك وضع غير صحيح يُحيط بالنازحين المتواجدين في لبنان ، إلا أن هذا الوضع يتحمّل مسؤوليته في الدرجة الأولى الحكومة اللبنانية التي لم تتخذ خطوات لتنظيم النزوح منذ بدايته مع إنطلاق الثورة السورية ، الأمر الذي وضع الأجهزة الأمنية أمام صعوبة تنظيم هذا النزوح ، كما أن النازحين اليوم يواجهون صعوبة في قبولهم من الشعب اللبناني خصوصا بعد خروج عدد من الإرهابيين في تنظيمي جبهة النصرة و داعش من بعض هذه المخيمات و تمركزهم في جرود عرسال و بعلبك إلى جانب الارهابيين الآتين من سوريا ، لكن الإرهاب واحد وأحدٌ لا يرغب بوجوده ، وإن نظرنا إلى وجود الارهاب منذ ما قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج السوريين من لبنان ، سنجدُ "عهد عنجر" حاميا لهذا الوجود ، وعليه نعلم مصدر الإرهاب اليوم مما يجعلنا أمام خطورة إرسال النازحين إلى سوريا مع وجود العقل المُدبّر للحركات الارهابية على رأس السُلطة.
و إن كان وزير الخارجية يرى بأن الأوضاع في سوريا باتت آمنة وعليه يدعو السوريين إلى مغاردة "أراضينا" يتوجّب علينا تذكيره بالشاب اللبناني مصطفى دياب الذي اختُطف في سوريا منذ أيام ، حيث كان من الأجدر الالتفات الى قضيته من جهة باسيل و جميع الأقطاب اللبنانية ، وهو ما يُثبت أيضاً أنّ الوضع في سوريا ليس بالآمن لا على المواطنين السوريين ولا على أي زائر آخر.
إلى جانب ذلك على باسيل الأخذ بعين الإعتبار وجود مُسلّحي "حزب الله" في سوريا ، فالحزب قرّر إقحام نفسه في النّزاع السوري تحت حُجّة حماية المُقدسّات الدينية ، الذي أثبتت عدسات كاميرات مقاتلي الحزب عدم صحّته ، فبعدساتهم شاهد العالم مسلّحون يديرون معارك ضدّ شعب بتمويلٍ إيراني لحماية رئيس وتقسيم وطن  "لعبة عقائدية".
إن كان باسيل مُصرّاً على ترحيل اللاجئين عبر مراحل فلا بُدّ أن تكون المرحلة الأولى عبر سحب جميع المُقاتلين اللبنانيين من سوريا حتى آخر قاتل ، مُقاتلٍ وقتيل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق