عبير سياج
لا بدّ أنّ الزيارة التي قام بها الوفد السعودي الى لبنان اول من أمس ليست الزيارة الأولى لموفدين من المملكة التي تحجز للبنان مكاناً خاصّاً في قلبها، غير أن الزيارة التي حظيت بتغطية إعلامية محلية ودولية كبيرة هي بالفعل زيارة استثنائية، حيث أنها الزيارة الأولى التي قام بها وفد رسمي بعد تراجع الحريري عن استقالته التي أعلنها من مملكة الخير بخطاب شديد اللهجة أرضى السعوديين قيادة وشعبا وقسم كبير من الشعب اللبناني وأثار نقمة الطّرف الخصم الذي استهدفه بيان الحريري اللاذع، والمُلفت أن الزيارة التي خصصها الوفد للبنان لم يكن الهدف منها تمويل المؤتمرات الدولية التي تنظمها الدول المانحة لمساعدة لبنان على الصمود في وجه الأزمات التي يواجهها فحسب بل إن توقيت الزيارة التي جاءت بعد ذكرى الرابع عشر من آذار والتي أظهرت الصعوبة التي يواجهها الحريري في إعادة صفوف الرابع عشر من آذار الى سابق عهدها خصوصا بعد انسحاب بعض الشخصيات البارزة في صفوف المكوّن الأساسي لقوى ١٤ آذار، هي زيارة جاءت في وقتها وسط افتقاد التمويل الذي لطالما زوّدت به المملكة المؤتمن على إرث الحريري والسعودي.
استهلّ الوفد زيارته في القصر الجمهوري فالتقى رئيس الجمهورية مدّة لا تتعدى العشر دقائق وهو أمرٌ ترك العديد من علامات الاستفهام لدى معظم الأقطاب الداخلية، فالزيارة القصيرة أظهرت وجود رسالة لدى الوفد قصّها على مسامع رئيس الجمهورية بكلمات قليلة مقتضبة.
بعد شبه الزيارة لرئيس الجمهورية أكمل الوفد السعودي زياراته فتوجه للقاء الرئيس برّي الحليف المعتمد لحزب الله في الانتخابات النيابية المُقبلة والذي يشكّل هامة وطنية كبيرة فوصف بري زيارة الوفد بعد لقاء الاربعاء بالايجابية حيث قال أنها زيارة ودية تسعى لترميم العلاقة مع لبنان ولفت الى ان الوفد سيُكمل زيارته الى لبنان لاتمام لقاءاته التي قطعها لاستقبال الحريري في السعودية، فمحى بذلك الاستفهامات التي وُضعت حول عدم زيارة العديد من الأقطاب التي تملك وزنا سياسيا على الساحة اللبنانية،لا بد ان هذا الأمر الذي يُظهر التقارب والايجابية التي اتّصف به لقاء الطرَفين مع العلم ان السعودية تضع نقطة سوداء على حزب الله "حليف بري" كقوى ايرانية داخل لبنان ولطالما انتقدت سلاحه الغير شرعي وشكّل مشكلة وعائق أمام تمويلها للجيش اللبناني.
التقارب بين السعودية وبري الذي ظهر في تصريحه عن عودة الوفد الى لبنان وتكلمه بإيجابية عن الزيارة مهم جدا بالنسبة للبنان الذي لطالما دعمت السعودية القوى الشرعية فيه وساعدت في نهوضه من أزمات كبيرة فبحكمة بري تلك سيحضى لبنان بدعم كبير بغض النظر عن التحالف الانتخابي بين بري وحزب الله وسيشكل الرئيس بري وسيط مهم على هذا الصعيد خصوصا في ظل الفتور الذي بدا واضحا بين الوفد والرئيس عون،الذي يبدو أن السبب ورائه هو دعم الرئيس لسلاح حزب الله بشكل علني جاء على لسانه في عدة مقابلات صحافية.
لا بد ان بري خلال لقائه السعوديين كان له موقف من سلاح الحزب فبري الذي يملك سلاحا كحزب الله بل وأكثر من سلاح الحزب لا يظهره في الشارع اللبناني منذ فترة طويلة ولا يتوجه به نحو سوريا للدفاع عن الأسد الذي يعتبره السعوديين مشكلة مصدر لعدم الاستقرار وابنا بارا لايران الذي يجمعها بالسعودية تاريخ من الصراعات، ولم يشكل بري بالنسبة للوفد مصدر جيش تنشئه ايران في الشرق لتنفيذ مشروع ما ولا شكل الوفد لبري منفذا لصب نزاعات لا وجود لها بين البلدين.
التقارب بين الطرفين يُظهر أن السعودية تُشكّل داعما أساسيا للبنان وأن المشكلة مع حزب الله ليست مشكلة طائفية كما يُحاول البعض توصيفها بل انها مشكلة سلاح لا شرعي ومحاولة فرض دويلة ضمن دولة تشكل ركنا اساسيا من الشرق بالنسبة للسعودية واستخدام السلاح لفرض نظرية دولة فارسية في بلد عربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق