عبير سياج
يبدو أن ذاك المبدع تخطى ابداعه الانتاج ولم تكفه عتبة المسرح ليظهر قدراته التمثيلية فاستعان بالمجتمع اللبناني ليُفرغ تلك الطاقة التمثيلية الهائلة لديه ويعيش خدعة التطبيع مع الموساد الإسرائيلي وينغمس في الخطيئة الكبرى ألا وهو خطيئة التعامل مع العدو والتجسس لصالحه، زياد عيتاني مشتبه به ألقي القبض عليه بتهمة التعامل مع العدو الاسرائيلي في عملية نوعية وتداولت وسائل الاعلام قصته الهوليوودية بشكل مفرط خلال الأيام الأخيرة فالممثل والمخرج المبدع أعطى الإعلام مادة دسمة هذه المرة حيّدت الرأي العام عن المحتوى السياسي المضطرب في لبنان.
هي ليست المرة الأولى التي يوقَف بها عميلٌ للعدو الإسرائيلي الا أنها المرة الأولى التي يتم بها تسريب هذا الكم الهائل من المعلومات واللافت بالموضوع أنه بحسب اعتراف عيتاني "كما قيل" أنه حاول التهرب من هذه "المصيبة: إلا أن الضابطة التي جنّدته هددته بتسريب تسجيلات صوتية ومصورة له تحتوي على فضائح جنسية فأخطأ ذاك الذكي ووافق على العمالة التي تعدّ فضيحتها أفضع من أي فضيحة جنسية لذاك الرجل المنفتح على الحياة والذي كان من الممكن أن يتخلّص من أي فضيحة ويكون بطلاً رفض التطبيع مع العدو لاغتيال شخصيتين ليسوا الأهم على الساحة اللبنانية فهناك من هم أهم بكثير من مراد والمشنوق الغير محبّب للشارع اللبناني والمحسوب على تيار المستقبل علناً ويعمل لصالح حزب الله في الخفاء مما يضعنا أمام هاجس الخوف على مصير المشنوق الذي يمكن أن يلقى حتف عماد مغنية لا قدّر الله ويندرج اسمه بين الأسماء التي يتم تصفيتها من قبل حزب الله ويلقى عاتق الجريمة على إسرائيل كونها الوجه الأبرز للإجرام ويضاف بذلك نقطة جديدة لصالح محور الممانعة الذي لا يلبث بتلفيق التهم لهذا وذاك أمام كلّ استحقاق لبناني وأمام كل مشكلة يواجهها الشارع السياسي.
اللافت أيضا في قضية عيتاني أنه كان يتجهّز لاستقبال الضابطة الاسرائيلية في لبنان وكان من الممكن أن يستفيد الجانب اللبناني من هذه الزيارة ويلقي لبقبض عليها فرأس الثعبان أخطر من جسده، ويلفت أيضا عدم معرفة الموساد الاسرائيلي بالتوزيع الديمغرافي للبنان البلد الذي سبق له أن احتله على مدى سنوات ويخترق أجوائه بشكل يومي ما يسمح له بمعرفة التوزيع الديمغرافي بشكل دقيق، وغيرها من الأمور التي تضع الرأي العام أمام العديد من التساؤلات وما يهم في هذه القضية هو الكم الهائل من التسريبات التي لاقته التحقيقات مع عيتاني أليس على هكذا تحقيق مع شخص يُشكّل خطرا على لبنان أن يكون سريّا لغاية إثبات إدانة عيتاني الذي لا زال حتى الساعة متّهما لحين إثبات القضاء تهمة العمالة عليه.
لا بدّ أن هناك حلقة مفقودة في هذه التحقيقات مما يضع مسؤولية على عاتق الاعلام اللبناني ليتوقف عن عرض حلقات هذا المسلسل الهوليوودي حفاظاّ على سريّة التحقيق الذي لا يعرف شيئا من السرية وعلى أمن لبنان الذي بات مخروقا من جميع النواحي الاستراتيجية ولا بدّ أن على اللبنانيين الالتفات لما يوازي قضية عيتاني أهمية ويفوقها أهمية والالتفاف لحماية الداخل اللبناني من اي اختراقٍ جديد.