السبت، 25 نوفمبر 2017

بين الاستقالة والتريث..

عبير سياج

انه زمن التريّث الذي لا وجود له في الدستور اللبناني جيث يُعتبر مفهوم التريّث عند البعض تراجع عن الاستقالة دُستوريا، إلا أن هؤلاء يحاولون إقناع أنفسهم بهذا المفهوم مستخدمين بذلك انسحاباً تكتيكيا كذاك الذي يُستخدم في الحروب لضمان ما اكتسبه خلال فترة "الصدمة الايجابية" التي لم تلبث أن تتحول الى أكبر صدمة سلبية تلقاها كثيرون وعلى ما يبدو أن هذه الصّدمة ستسبّب ارتدادات على مستوى الشارع الذي أعاد وضع ثقته ببيت الوسط ونرى ذلك من خلال التصريحات الذي يلقيها سياسيون من أوساط مختلفة في اليومين الأخيرين فهل يستقيل الحريري فعلياً ودستورياً خلال الأيام المقبلة أم أن مفهوم التريّث سيتحول لتراجع فعلي عن الاستقالة؟
في الوقت الحالي لا يمكن معرفة مسار الطريق الذي ستسلكه استقالة الحريري الا أن أحداً لا يستطيع انكار وجود يدٍ لحزب الله بمفهوم التريّث الذي عرضه الرئيس عون على الحريري فالمستفيد الأكبر بهذا التريث هو حزب الله نفسه الذي قاد حملة وحلفائه ضد المملكة العربية السعودية متّهماً اياها بتوقيف الحريري تارة وضعه تحت الاقامة الجبرية تارة أخرى مستخدما بذلك محللين ونفسيين وسياسيين   لتضليل الرأي العام وخلال اعلان التريث من القصر الجمهوري يحاول حزب الله وحلفائه اللذين يجولون العالم تثبيت هذه النظرية التي تساهم في خلق شرخ بين الشعبين السعودي واللبناني ومغتنما الفرصة لتشتيت الشارع عن التدخل الفعلي لايران بلبنان، محاولة المحافظة على الحريري رئيسا للحكومة الحالية فالحريري حاول على مدار سنوات ارضاء حزب الله في خطوة لتجنيب لبنان أي تزعزع أمني وما لبث أن تحوّل التنازل لتنازلات عن حقوق شارع بأكمله واستطاع حزب الله خلال السنوات الاخيرة السيطرة على لبنان بشكل فعلي عبر ممارسة سياسة التخويف التي خرج منها الحريري خلال بيان استقالته الذي أطلقه من المملكة العربية السعودية وتحول بذلك الى محارب شرس امام شارع حزب الله بأكمله مُكتسبا تعاطفا ودعما شعبويا هائلاً فالحريري حينها أثبت عودته الى الثوابت التي ابتعد عنها خلال فترة التنازلات التي مضى بها وهو ما ارعب حزب الله من عدم وجود بديل يمارس سياسة التنازلات كالحريري الذي سيقوم بتقديم استقالته فعليا خلال أيام ما لم يتنازل حزب الله.

هل يتنازل حزب الله فعليا..

فعليا لا يمكن التحدث عن أي تنازل ممكن أن يقوم به حزب الله حتى وان كان البعض يعتبر أن خروجه من سوريا يشكّل تنازلا حيث أن الأزمة السورية باتت قريبة من الحلحلة وسيشكّل مؤتمر سوتشي حلا لهذه الازمة وبذلك لن يعود للحزب أي دور في سوريا وسينسحب منها تلقائيا والتنازل الأكبر يكمن في وضع سلاح حزب الله تحت أعين الدولة اللبنانية بمختلف أفرقائها تجنبا لسحب سلاح الحزب وزعزعة أمن لبنان حيث سيشكّل أي مساس بسلاح حزب الله فرصة له لخلق فتنة جديدة في البلاد والأهم من ذلك استقلال الحزب عن ايران وما هذا سوى بالأمر المستحيل فإيران خلقت حزب الله كجيشا لها في الشرق الاوسط عبر لبنان وأي مساس بسلاحه يعتبر مساس بالدولة الايرانية وهذا ما ظهر في كلام الرئيس الايراني البارحة وبالتالي لا يمكن فرض سياسة النأي بالنفس على حزب الله الذي يأخذ أوامره من ايران فهل سيبقى سعد الحريري على تريثه أم أنه سيُجنب نفسه الانتقادات والتنازلات القادمة؟
لا بد أن الأيام القادمة وحدها كفيلة بالاجابة عن هذا السؤال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق