عبير فواز سياج
يبدو أن المعارك الداخلية التي خلّفتها سلسلة الرّتب والرواتب قد حيّدَت انتباه الدّولة عن موضوع سيطرة عناصر حزب الله على جرود عرسال حتى اللحظة، فتحت حُجّة دحض الإرهاب عن لبنان صعد عناصر حزب الله نحو جرود عرسال لطرد عناصر جبهة النُصرة مع مساندةٍ إعلامية ترأسها الإعلام الحربي كان أبرز أهدافها إقناع المواطنين أن الجيش غير قادر على دحض الإرهاب ووحده حزب الله يستطيع تحرير الجرود وإعادتها للجيش اللبناني على أن يعيد الجيش الأراضي لأصحابها لاحقاً إلّا أن هذا السيناريو الّذي عرضه الحزب على اللبنانيين ليس السيناريو الحقيقي للغايات الكامنة وراء معركة جرود عرسال فالجيش اللبناني أثبت قدرته على دحض الإرهاب من خلال معركة "فجر الجرود" وعدم تسليم الجرود المحررة للجيش حتى اليوم على الرغم من التصريحات التي تقول أن الحزب سيسلّم المواقع للجيش متى أراد وفي ظل وضع قرار الجيش تحت القرارات السياسية بدى أن هناك من يمنع بشكل من الأشكال تسليم المواقع للجيش ويبدو أن حزب الله يقف خلف عدم صدور هذا القرار فالحزب خاض المعركة لأهداف خاصة بإيران فالهلال الشيعي الذي يبدأ بإيران ويمتد نحو العراق مرورا بسوريا ينتهي في جرود عرسال تحديدا وهو ما دفع حزب الله تحت غطاء إيراني الى خوض تلك المعركة للسيطرة على الجرود وإقامة دولة الفقيه على امتداد الهلال الشيعي.
إذاً هو مشروع بدأت إيران بتنفيذه منذُ اللّحظة الأولى لدخول داعش وجبهة النّصرة إلى جرود عرسال حيث أعطت أمرها لحزب الله بمنعِ أيّ مفاوضات داخلية مع النّصرة تحت حُجّة رفض التفاوض مع العناصر الإرهابيّة وهو ما شهِدناه في تلك المرحلة حيث رفض الحزب أي تفاوض مع النُّصرة في حين كان ممكناً من خلال التفاوضات إنقاذ العسكريين وإسترجاع الأراضي اللبنانية التي سيطرت عليها النّصرة في المُقابل رأينا مواقف مغايرة للحزب خلال معركتي "جرود عرسال" و "وإن عُدتم عُدنا" حيث تفاوض مع الارهابيين كما أنّ الحزب أبدى قلقه على قافلة داعش التي استُهدِفَت من قِبَل التحالُف الدّولي الأمر الّذي يؤكّد أنّ داعش دخلت برفقة النّصرة خدمة لإيران وأن رفض التفاوض لم يكُن رفضاً لإفساح المجال أمام الإرهابيين لفرض شروطهم على الدّولة بل كانَ رفضاً لسيطرة الدّولة على الجُرود والانتظار لم يكُن سِوى مسألة وقت لتأكيد إمكانية سيطرة الحزب على تلك المنطقة التي باتت ضمن حدود دولة الفقيه الأمر الّذي يستلزم تدخُل فوري من الدولة لإيقاف هذا المشروع وما سيتبعه من مشاريع للسيطرة على الدولة ككل مما سيُفقد لبنان تميّزَه بالتعدّدية الطائفية كما يتوجّب على الدولة اليوم أن تعلم أنّ استقدام حزب الله لميليشيات عراقية الى لبنان حسب ما ورد على لسان هدى الحسيني الكاتبة في صحيفة الشرق الأوسط يوم 21 أيلول سيُعزّز سيطرة الحزب على تلك المنطقة ومن الممكن أن يستخدم الحزب هذه الميليشيات لضمّ مناطق جديدة الى خريطة دولة الفقيه بالعنف والقوة ولربّما بالحروب المُفتَعَلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق