عبير سياج
مؤسفٌ هو الوضع الذي آل إليه الوطن العربي بعد ركوبه المركب المُسمّى "الربيع العربي"، هذا المركب الذي أوهِم رُكّابه بجدارة طاقمه حتّى سلّموه جميع ما يملكون لينتهي بهم المطاف بقايا حُلُمٍ على شطّ الثورة، بقايا وطنٍ على شطّ الحُريّة. مؤسفٌ هو حالُ هذا الوطن الذي استفاق ليجد نفسَهُ وسط عاصفةٍ أعاثت بهِ خراباً وجعلت من أجزاء فلسطين وطناً لأرذل مخلوقات الأرض وأشنعهم بعد حُكّامِنا العرب الّذين أعطوا ذاك الشّعب ربيعا من الأحلام وخَلَقوا في أوطاننا كوابيس موجعة.
بعد أن عاشت شعوبنا العربية حُلُمَ الحُريّة ورفعت شعار الثورات التي لم يُكتب لها النجاح والتوفيق في غالبيتها ولبعضها الآخر لم يُكتب العُمر سوى قليلا باتت أنظار العرب متّجهّة من خاف قُضبانها التي حاكتها بيدها نحوَ الماضي المُظلم وبعضها الآخر نحو الحُريّة البعيدة المطاف مُتسائلةً عن السبب وراء ما آلت اليه الأمور.
ببساطة يمكن الإمساك بالإجابة إذا ما تجرّد كلّ شخص من انتماءاته، ان الأمر يعود بخراب الوطن وربيعه الى فسادِ حُكّامه الذين منع البعض منهم نجاح الثورة، ونجح بعضٌ آخر بثورته الذاتية لا الوطنية التي ائتمَنَهُ عليها شركائه في الهويّة، في الوقت الذي تحارب به "الدولة" العبرية أو ما يُسمّى إسرائيل الفساد، وتجعل من ما اتخذته وطنا أولوية شاغلة الأوطان العربية بحروبهم الوهمية والتي خلقتها لتُلهيهم عن القضيّة.
تلك الدولة التي بدأت مع "وعد بلفور"
والتي يحسَب البعض أنّها ستكتفي بما سلبته من وطننا العربي ستتّسع يوما بعد آخر
بينما تُحاول الشُعوب استجداء حقّها بالعيش والحُريّة. إمتداد ما يُسمّى دولة اسرائيل بحسب "وعد بلفور" وامتداد "ولاية الفقيه" في الخطّ المُعاكِس ضمن سكتين حديد متلاصقتين، باتجاهين معاكسين، فهل يمرّ هذان الخطان كقطارين بأمان ودون تصادُم؟ أم أن مرورهما سيولّد تصادُما جديدا يخلّف خرابا عربيّا شاملاً.